قائمة المنشورات


 بكل هدوء


 العودة إلى المنتدى

شبكة منتديات الأديب حسن غريب   

المشهد الثقافي السئ المتردي بشمال سيناء

hassanghrib63 | تم النشر بتاريخ الثلاثاء 12 ديسمبر 2017, 5:41 pm | 408 مشاهدة

المشهد الثقافي السئ في شمال سيناء

بقلم : حسن غريب 
كاتب روائي ناقد
-------------------------------------------------------------------------------

ينبغي ألا يقال : "الأزمنة كانت سوداء !" بل أن يقال : "لماذا سكت الشعراء والأدباء الذين عاشوا فيها؟!" . بروتلد بريخت 
إذا قسنا نسبة المثقفين السيناويين المنضويين لحركة الثقافة الدائرة في المجتمع الأدبي السيناوي ، بشكل عام أي إلي تلك الهيئات الثقافية والتجمعات الأدبية، التي تطرح برامج الرقي الثقافي ، الكلي أو الجزئي ، المهني أو السياسي، الثقافي أو الاجتماعي ، ؛ لهالنا العدد المحدود للغاية منهم ، الذين هجروا موقف اللامبالاة والإعراض ، وحاولوا التحرك باتجاه اتخاذ موقف أكثر إيجابية من قضية العمل العام ! 
ولا يعني هذا أن الأكثرية العظمي من المثقفين السيناويين راضين عن واقع المشهد الثقافي الآن في شمال سيناء ، العام والخاص . . الذاتي والموضوعي ، أو أنهم منحازين إلي الهم الثقافي ضد خصومه من دعاة التغيير . . 
الحقيقة أن العكس هو الصحيح ، فما من جلسة تجمعك مع واحد منهم في نادي الأدب بالعريش أو علي المقاهي ، بل حتي مع بعض من ينتمي لمقاطعة نادي الأدب ومؤسساته ذاتها ، إلا ويندمج في "منولوج" طويل يعرض شكواه الاجتماعية والاقتصادية ، ويشرح صعوبات الحياة التي أصبح قانونها العام هو الفوضي وتدبير المؤامرات الشخصية بغية الحصول علي عضوية أمانة مؤتمر أدباء مصر أو نشر كتاب له أو السفر في احدى المؤتمرات الأدبية سواء مؤتمر أدباء مصر او المؤتمر الخاص بأقليم القناة وسيناء الثقافي أو هدم المعبد علي من فيه اذا وقف احد وقال له لا ، وأساسها هو من أعطيته صوتك في انتخابات نادي الأدب واعتمدت عليه كى يخرج النادي من المعاناة والاهمال والتجاهل لتجده في المتوقع منه ان يحدث منه أي شيء ليقوم بتقديم استقالته من رئاسته كى يدخل الأدباء ذو الهم السيناوي والذى حفروا في الصخر لوضع الهوية الثقافية لسيناء بين بقاع أرض سيناء وعندما تسأله لم تفعل ذلك؟ 
فيقول برد غير مقنع ولا يدخل عقل اغبى رجل في العالم يقول لك :"لأننى وجدت أن الأدباء والحضور قليل العدد ومن أجل المصلحة الوطنية". 
لقد ضحكت في سريرتي كثيرا لهذا الرد المعبأ والمجهز مسبقا ، لان من يريد العمل التطوعي والذى سلكته من قبل و كنت رئيسا فيه في يوم من الأيام وسبقني فيه الشيخ محمد عايش عبيد رحمه الله وعانى الكثير من طعن الأدباء فيه وفي كل الشرفاء من المبدعين السيناويين.. لم يشكو احدامنا قط من قلة عدد الوافدين علي النادي بل كنا نعمل ونكد كى نبرز ونظهر بقدر الامكان خارطة وهوية سيناء الثقافية في جميع المحافل والمؤتمرات الثقافية والادبية في شتى اصقاع مصر المحروسة, وان بها مبدعون حقيقيون ، ومع ما تيسر من مقارنات ـ باتت معروفة ـ بين الاصدقاء الادباء هنا ،وبين انضباط حياتهم قياسا إلي ما يجري لدينا من تسيب وعوار ثقافي ، وإلي تماسك ثلة منهم علي هويته وأدبه والزام داره والكتابة في كل الصحف والمجلات دون ان تطيء أقدامه النادي لما يرى من مهاترات وتعثر وتخبط لمعارك وهمية مملة ليس من ورائها جريرة سواء الحصول علي كعكة المؤتمرات او الامانةاو النشر او الامسيات والندوات خارج العريش لدرجة ان عامة الناس هنا بات يمثل لهم نادي الأدب المشاكل والخلافات والتفاهات وصرنا مضحكة كل من هو بعيد او قريب من ابناء الشارع السيناوي. 
وكم حز في كثيرا ان اجد من حصل علي عضوية الامانة ولم يقدم شيئا قط للادباء هنا سواء فقط المنظرة والشكلية باسمه وكذلك صار يخدم على فئة معينة ومحددة من بعض أصدقائه بغض النظر عن مستواهم وقدراتهم الابداعية المتواضعة لتجدهم يشاركون في المؤتمرات وتارة في الامانة العامة للمؤتمر وتارة في المجلس الاعلى واحيانا تجد نفس الاشخاص يشاركون ويكرمون دونا عن غيرهم وبكل أسف من يتولى النادي المركزي والفرعي شخص كنا ننشد فيه العدالة اذا تولى الرئاسة لكنه جاء مخيبا لكل آمالنا فلقد تم ترشيح من يشارك في مؤتمر أدباء مصر دون العودة إلى من لهم وتم ترشيح من هم لم يكملوا فترة العضوية العاملة وعندما ناقشته وجدته يعطيني مبررات غير مقنعة وواهية وتصل الي حد التفاهة , حزنت كثيرا عندما اجده من يريد الحصول علي امانة المؤتمر يريدها مرة اخرى طمعا وليجعل الاخرين جثا يسيرعليها باقدامه ولم يترك لباقي زملائه الاعضاء الحصول عليها وخاصة ممن لم يحصلوا عليها من قبل وكانها تركة مسجلة باسمهم ومكتوبة لهم وليس لاحد غيرهم أن يحصلوا عليها رغم انها تكليف وليس تشريف. 
وحتى ان لم يكن هناك وضع مقياس ووجه مقارنة بين من يستحق ومن لم يستحق المهم الطمع والجشع بلغ مداه بكل اسف وحسرة، مماأدي الي اهتراء اسمائنا بين ادباء مصر وتفسخ هويتنا الثقافية السيناوية. 
وبعد كل ما تقدم حين تطالبه بالتحرك من أجل المشاركة في مواجهة ما يراه من سليبات و أخطاء ، ولتصحيح ما ينتقده من ممارسات سيئة ، يتردد ويختلق الحجج والذرائع، حتى لا يغادر مكانه أو يبذل ، ولو جهد محدود ، من أجل تغيير ما يسيئه له شخصيا ولزملائه اعضاء مجلس الادارة الذين ذاقوا ومازالوا الامرين بسبب ما تقدم به من استقالة ليس ورائها مدلول سوى ترك المعبد ينهدم علي من فيه وليذهب الادب وثقافته في سيناء الي الجحيم ! . 
وفي حوار أخير مع واحد من هؤلاء ، وبعد نحو ساعة من الحديث حول أوضاعنا البائسة التي لا ينبغي استمرارها أكثر من ذلك ، سألته هل هو مستعد للمشاركة الإيجابية ، مع زملائه الذين يطالبون بوقفة جادة وكلمة رجل واحد سيسجلها عليه التاريخ ؟! . . اعتذر مرتبكا بحجة أن لديه "عمل كى يقتات من خلاله!!" . . ولما أجبته بأننا جميعا لدينا عمل نحبه . .وثقافة نخشي عليها من التآكل ومصالح تتضرر . . ومع هذا لا يجعلنا هذا كله نحجم عن أداء واجبنا الثقافي تجاه سيناء الحبيبة التى عانت الويلات السبع كى نجعل لها تاريخا واسما وسط الخريطة الثقافية المصرية والعربية والعالمية . . ارتبك وانسحب ولم أره بعد ذلك !! . 
وقد جعلني هذا الموقف أعاود التفكير في دور المثقف وواجباته ، وهو أمر بالغ الضرورة ، خصوصا في هذا الوقت الردئ الذي تسود فيه نظريات الخلاص الفردي ، والمنفعة الشخصية ويتحلل فيه الكثيرون من التزاماتهم تجاه ثقافتهم وادبهم، وتسود نظريات "ما بعد الحداثة" ، التي تعلي من القيم الذاتية علي حساب المشترك العام ، وتهزأ بالمبادئ والقيم الجماعية لصالح الانغلاق علي الذات والإغراق في الحسية ، باعتبارها القيمة الوحيدة الجديرة بالاعتبار ! . 
فالمثقف الحقيقي يمتاز ـ بصورة أساسية ـ بحيه الاجتماعي ، وبقدرته علي الوعي بالأوضاع والظروف المحلية والكونية ، وبإدراكه لحاجات المواهب الشابة والثقافية المثمرة والناضجة وليست ثقافة حفظ وتلقين الاشعار والكلمات والخطب الرنانة ، وباستعداده لمساندة الادباء والمثقفين ، ولوضع معرفته وثقافته في خدمة وطنه وأهدافه في التقدم والنهوض بأرض سيناء وكل مواهب شابة ومبدعه في سيناء .
مثل هذا المثقف وحده هو الذي يستحق هذا الوصف ، وهو الذي يحتل موقعا متميزا في ضمير أمته وذاكرة وطنه :"الشيخ الراحل الشاعر محمد عايش عبيد والمخرج الراحل أسعد الكاشف والدكتور درويش مصطفي الفاروالفنان مصطفي بكير " ، نماذج مضيئة من هذه النوعية المتميزة من المثقفين السيناوين ، الذين لم تشغلهم إشكالاتهم الشخصية عن مهامهم الجليلة في التنوير والتغييرلمثقفي ومبدعي سيناء وكانواينأوعن كل التفاهات والصغائر. . 
من هنا واجب المثقف والمبدع السيناوي ، في هذه الآونة التي تتزايد فيها هموم المثقف السيناوي وتتصاعد مشاكله ومعاناته أ أن يكون صوت شعبه ، الذي عمله ورعاه حتى أصبح قادرا علي الفهم والمعرفة . 
واجبه أن يقف في صف الايثار وان يدرك أن العطاء لغيره هو منتهى العطاء للنفس ، وأن ينطق بكلمة الحق ، وحتى لا يحق عليه ، ذات يوم ليس ببعيد ، أن يقف منكس الرأس وهو يسأل : لماذا صمت حينما كان يجب أن تتكلم ؟! 
وهربت من مسئوليتك حين وجب عليك النهوض بها ؟!.

 

نبذة عن الكاتب